-A +A
محمد ناصر الأسمري
الزواج سكن ومودة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها...) ومن أصدق من الله قيلا، السعوديون يتزوجون ولكنهم يتعرضون في أفراحهم وما بعدها لبعض التضييق، فمظاهر الفرح غيبت وتغيبت بسبب بعض الغلاة الذين سطروا الخوف، فكان أن توالدت أجيال لا تعرف للفرح لغة أو مجالا.
كان السعوديون يقيمون الأفراح والليالي الملاح ربما عدة أيام، في الأرياف تقام الأفراح بالزواج في أماكن مكشوفة في الركبان / القلبان عادة في النهار، وفي الليل على شب الحطب.

في المدن الحضرية كانت الأفراح تقام على أسطح المنازل على أضواء القناديل، وتطور الأمر إلى أن تسد الشوارع بالأشرعة، وتضاء الأنوار ويحتفل الناس فرحا.
يتبارى الأقارب في اللمة حول «الكوشة» في ليلة «الزفة» في تقديم الرفد والهدايا.
لكن ما يجري في قصور الأفراح من وجود ملصقات مليئة بمواعظ جلها التحريم والتنفير كتحريم لبس الشرعة البيضاء، بل والورود وتحريم كشف الأيدي، كل هذا في صالات النساء.
هذا بدل جل مظاهر الفرح إلى قتامة وعبوس ومصادرة لأفراح الناس، بفعل آراء متطرفة وجماعة تطرف وإقصاء ليس لهم ولاية ولا نظام أو قبول اجتماعي، بل يتجاوب الناس حرصا على سلامتهم من الأذى وتحويل الأفراح إلى أتراح لو سايروا السلوك المشين من أهل التوحش والإيذاء.
لم أجد أثرا لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كانت جارية من الأنصار في حجري، فزففتها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمع غناء فقال: «يا عائشة ألا تبعثين معها من يغني؛ فإن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء؟»
وفي الشرع التفريق بين النكاح والسفاح هو الإعلان بالدف والغناء.
لا يقتصر الحال في مصادرة أفراح الناس على التحريم والملصقات، بل تعدى الأمر إلى الدخول في خصوصيات البشر، فلا بد من ترخيص لأداء العرضة للرجال، ومع وجود الترخيص لدى قصر الاحتفالات أو الفندق، يأتي من يبحث عن الترخيص الصادر من الإمارة، وبعد التأكد يصدر تعليمات بعدم قرع الطبول، أو استخدام المكبرات!
السعوديون حينما يتزوجون، يعرف العاملون في الفنادق اسم العروسين، وكذلك موظفو الهيئة ومن يحتسب لهم من الفارغين، يعرفون ليلة البناء، التي قد يقع فيها الحمل ورقم الغرفة، وكذلك الدفاع المدني والشرطة والمباحث كلها تعلم من خلال التراخيص بزواج فرج من حسينة.
كانت أغاني الفرح تصدح عند النساء: اتمخطري يا عروسة ما شاء الله عليك، وعروستك الحلوة قمر بيلالي، والله وعرفت تنقي، والله وجبت الأمورة. أو «جوهرتنا ولو قللوا تعدل 400 جوهرة».
في عنيزة تدق طبول السامر على جمر الغضا: يا شريفة متى ودك تروحي، يم ديرة هلك يا العسوجية؟ وفي المدينة: طق الرقبة يا وليد، جيب العتبة يا وليد؟ وفي كل أرجاء الوطن نغني للفرح، ولا مقام فينا لقتلة الفرح إن شاء الله.
وفي صدر رجال ألمع خطوة بهية قال الشاعر:
قصر عالي فوق سطحه نوره
والقمر فوقه يشع بنوره
فاجتمع نور على نور
يا حليل اللي سكن في ديمه
يرتجف قلبه يوم أبصر غيمه
خاف من غدي السطوحي
البنية تشتكي م الوردي
قالت أوراقه تجرح خدي
وأنت ما ترضى ظليمه